سورة النساء - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)}
أخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: «قدم حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف، مكة على قريش فحالفوهم على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لهم: أنتم أهل العلم القديم وأهل الكتاب، فأخبرونا عنا وعن محمد قالوا: ما أنتم وما محمد؟ قالوا: ننحر الكوماء، ونسقي اللبن على الماء، ونفك العناة، ونسقي الحجيج، ونصل الأرحام. قالوا: فما محمد؟ قالوا: صنبور قطع أرحامنا، واتبعه سراق الحجيج بنو غفار. قالوا: لا بل أنتم خير منهم واهدى سبيلاً. فأنزل الله: {ألم ترَ إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت...} إلى آخر الآية».
وأخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة. مرسلاً.
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت له قريش: أنت خير أهل المدينة وسيدهم؟ قال: نعم. قالوا: ألا ترى إلى هذا المنصبر المنبتر من قومه، يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج، وأهل السدانة، وأهل السقاية! قال: أنتم خير منه. فانزلت {إن شانئك هو الأبتر} [ الكوثر: 3] وأنزلت {ألم ترَ إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت} إلى قوله: {نصيراً}.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن عكرمة. أن كعب بن الأشرف انطلق إلى المشركين من كفار قريش، فاستجاشهم على النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرهم أن يغزو وقال: إنا معكم نقاتله. فقالوا: إنكم أهل كتاب وهو صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل. ثم قالوا: نحن اهدى أم محمد، فنحن ننحر الكوماء، ونسقي اللبن على الماء، ونصل الرحم، ونقري الضيف، ونطوف بهذا البيت، ومحمد قطع رحمه وخرج من بلده. قال: بل أنتم خير وأهدى. فنزلت فيه {ألم ترَ إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت...} الآية.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال: أنزلت في كعب بن الأشرف قال: كفار قريش أهدى من محمد عليه السلام.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي عن أبي مالك قال: لما كان من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واليهود من النضير ما كان، حين أتاهم يستعينهم في دية العامريين فهموا به وبأصحابه، فاطلع الله رسوله على ما هموا به من ذلك، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، هرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة، فعاهدهم على محمد فقال له أبو سفيان: يا أبا سعيد إنكم قوم تقرأون الكتاب وتعلمون ونحن قوم لا نعلم، فاخبرنا ديننا خير أم دين محمد؟ قال كعب: اعرضوا عليَّ دينكم.
فقال أبو سفيان: نحن قوم ننحر الكوماء، ونسقي الحجيج الماء، ونقري الضيف، ونحمي بيت ربنا، ونعبد آلهتنا التي كان يعبد آباؤنا، ومحمد يأمرنا أن نترك هذا ونتبعه. قال: دينكم خير من دين محمد فاثبتوا عليه، ألا ترون أن محمداً يزعم أنه بعث بالتواضع وهو ينكح من النساء ما شاء، وما نعلم ملكاً أعظم من ملك النساء. فذلك حين يقول {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً...} الآية.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس قال: كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وأبو رافع، والربيع بن أبي الحقيق، وعمارة، ووحوح بن عارم، وهودة بن قيس. فأما وحوح بن عامر وهودة فمن بني وائل، وكان سائرهم من بني النضير، فلما قدموا على قريش قالوا: هؤلاء أحبار يهود، وأهل العلم بالكتاب الأول، فاسألوهم أدينكم خير أم دين محمد؟ فسألوهم فقالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أهدى منه وممن اتبعه. فأنزل الله فيهم {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب} إلى قوله: {ملكاً عظيماً}.
وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخه، عن جابر بن عبد الله قال: لما كان من أمر النبي صلى الله عليه وسلم ما كان، اعتزل كعب بن الأشرف ولحق بمكة وكان بها، وقال: لا أعين عليه، ولا أقاتله. فقيل له بمكة: يا كعب أديننا خير أم دين محمد وأصحابه؟ قال: دينكم خير وأقدم، ودين محمد حديث. فنزلت فيه {ألم ترَ إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب...} الآية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت في كعب بن الأشرف، وحيي بن أخطب، رجلين من اليهود من بني النضير، أتيا قريشاً بالموسم فقال لهم المشركون: أنحن أهدى أم محمد وأصحابه، فإنا أهل السدانة، والسقاية، وأهل الحرم؟ فقالا: بل أنتم أهدى من محمد وأصحابه، وهما يعلمان أنهما كاذبان إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن عكرمة قال: الجبت والطاغوت. صنمان.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ورستة في الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: الجبت الساحر، والطاغوت الشيطان.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طرق عن مجاهد. مثله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الجبت حيي بن أخطب، والطاغوت كعب بن الأشرف.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك. مثله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الجبت الأصنام، والطاغوت الذي يكون بين يدي الأصنام، يعبرون عنها الكذب ليضلوا الناس.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الجبت اسم الشيطان بالحبشية، والطاغوت كهان العرب.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: الجبت الشيطان بلسان الحبش، والطاغوت الكاهن.
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال: الجبت الساحر بلسان الحبشة، والطاغوت الكاهن.
وأخرج عن أبي العالية قال: الطاغوت الساحر، والجبت الكاهن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال: كنا نحدث أن الجبت شيطان، والطاغوت الكاهن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ليث عن مجاهد قال: الجبت كعب بن الأشرف، والطاغوت الشيطان كان في صورة إنسان.
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم عن قبيصة بن مخارق. أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت».
وأخرج رستة في الإيمان عن مجاهد في قوله: {ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً} قال: اليهود تقول ذاك، يقولون: قريش أهدى من محمد وأصحابه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أم لهم نصيب من الملك} قال: فليس لهم نصيب، ولو كان لهم نصيب لم يؤتوا الناس نقيراً.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول: لو كان لهم نصيب من ملك إذن لم يؤتوا محمداً نقيراً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق خمسة عن ابن عباس قال: النقير. النقطة التي في ظهر النواة.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق سأله عن النقير؟ قال: ما في شق ظهر النواة، ومنه تنبت النخلة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول الشاعر:
وليس الناس بعدك في نقير *** وليسوا غير أصداء وهامِ
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس. أن نافع بن الأزرق قال له: اخبرني عن قول الله: {فإذاً لا يؤتون الناس نقيراً} ما النقير؟ قال: ما في ظهر النواة، قال فيه الشاعر:
لقد رزخت كلاب بني زبير *** فما يعطون سائلهم نقيرا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال: هذا النقير، ووضع طرف الإبهام على باطن السبابة ثم نقرها.


{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آَمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)}
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أم يحسدون الناس} قال: هم يهود.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال: قال أهل الكتاب: زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس همه إلا النكاح، فأي ملك أفضل من هذا. فأنزل الله هذه الآية {أم يحسدون الناس} إلى قوله: {ملكاً عظيماً} يعني ملك سليمان.
وأخرج ابن المنذر عن عطية قال: قالت اليهود للمسلمين: تزعمون أن محمداً أوتي الدين في تواضع وعنده تسع نسوة، أي ملك أعظم من هذا؟ فأنزل الله: {أم يحسدون الناس...} الآية.
وأخرج ابن جرير عن الضحاك. نحوه.
وأخرج ابن المنذر والطبراني من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله: {أم يحسدون الناس} قال: نحن الناس دون الناس.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {أم يحسدون الناس} قال: الناس في هذا الموضع النبي صلى الله عليه وسلم خاصة.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد {أم يحسدون الناس} قال: محمد.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال: أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بضع وسبعين شاباً، فحسدته اليهود فقال الله: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله}.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك في الآية قال: يحسدون محمداً حين لم يكن منهم وكفروا به.
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية {أم يحسدون الناس} قال: أولئك اليهود، حسدوا هذا الحي من العرب {على ما آتاهم الله من فضله} بعث الله منهم نبياً فحسدوهم على ذلك.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج {على ما آتاهم الله من فضله} قال: النبوة.
وأخرج أبو داود والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب».
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله: {فقد آتينا آل إبراهيم} سليمان وداود {الكتاب والحكمة} يعني النبوة {وآتيناهم ملكاً عظيماً} في النساء، فما باله حل لأولئك الأنبياء وهم أنبياء أن ينكح داود تسعاً وتسعين امرأة وينكح سليمان مائة امرأة لا يحل لمحمد أن ينكح كما نكحوا.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان في ظهر سليمان مئة رجل، وكان له ثلثمائة امرأة وثلثمائة سرية.
وأخرج الحاكم في المستدرك عن محمد بن كعب قال: بلغني أنه كان لسليمان ثلثمائة امرأة وسبعمائة سرية.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن همام بن الحارث {وآتيناهم ملكاً عظيماً} قال: ايدوا بالملائكة والجنود.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد {وآتيناهم ملكاً عظيماً} قال: النبوة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن. مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فمنهم من آمن به قال بما أنزل على محمد من يهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن {فمنهم من آمن به} اتبعه {ومنهم من صد عنه} يقول: تركه فلم يتبعه.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي قال: زرع إبراهيم خليل الرحمن وزرع الناس في تلك السنة، فهلك زرع الناس وزكا زرع إبراهيم، واحتاج الناس إليه فكان الناس يأتون إبراهيم فيسألونه منه فقال لهم: من آمن أعطيته ومن أبى منعته. فمنهم من آمن به فأعطاه من الزرع ومنهم من أبى فلم يأخذ منه. فذلك قوله: {فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيراً}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة {فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة} ومحمد من آل إبراهيم.
وأخرج ابن الزبير بن بكار في الموقفيات عن ابن عباس أن معاوية قال: يا بني هاشم إنكم تريدون أن تستحقوا الخلافة كما استحقيتم النبوة، ولا يجتمعان لأحد، وتزعمون أن لكم ملكاً. فقال له ابن عباس: أما قولك أنا نستحق الخلافة بالنبوّة، فإن لم نستحقها بالنبوّة فبم نستحقها؟! وأما قولك أن النبوة والخلافة لا يجتمعان لأحد فأين قول الله: {فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً}؟ فالكتاب النبوّة، والحكمة السنة، والملك الخلافة، نحن آل إبراهيم أمر الله فينا وفيهم واحد، والسنة لنا ولهم جارية، وأما قولك زعمنا أن لنا ملكاً فالزعم في كتاب الله شك، وكل يشهد أن لنا ملكاً لا تملكون يوماً إلا ملكنا يومين، ولا شهراً إلا ملكنا شهرين، ولا حولاً إلا ملكنا حولين. والله أعلم.


{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ثوبر عن ابن عمر في قوله: {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها} قال: إذا احترقت جلودهم بدلناهم جلوداً بيضاء أمثال القراطيس.
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف من طريق نافع عن ابن عمر قال: «قرئ عند عمر {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب} فقال معاذ: عندي تفسيرها، تبدل في ساعة مائة مرة. فقال عمر: هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال: «تلا رجل عند عمر {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها} فقال كعب: عندي تفسير هذه الآية، قرأتها قبل الإسلام. فقال: هاتها يا كعب، فإن جئت بها كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقناك. قال: إني قرأتها قبل الإسلام {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها} في الساعة الواحدة عشرين ومائة مرة. فقال عمر: هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة {كلما نضجت} وأكلت لحومهم قيل لهم عودوا فعادوا.
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال: تأخذ النار فتأكل جلودهم حتى تكشطها عن اللحم، حتى تفضي النار إلى العظام ويبدلون جلوداً غيرها، يذيقهم الله شديد العذاب، فذلك دائم لهم أبداً بتكذيبهم رسول الله وكفرهم بآيات الله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يزيد الحضرمي. أنه بلغه في قول الله: {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلوداً غيرها} قال: يجعل للكافر مائة جلد بين كل جلدين لون من العذاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال: سمعنا أنه مكتوب في الكتاب الأول: أن جلد أحدهم أربعون ذراعاً، وسنه سبعون ذراعاً، وبطنه لو وضع فيه جبل لوسعه، فإذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلوداً غيرها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة بن اليمان قال: «أسر إليّ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا حذيفة إن في جهنم لسباعاً من نار، وكلاباً من نار، وكلاليب من نار، وسيوفاً من نار، وإنه تبعث ملائكة يعلقون أهل النار بتلك الكلاليب بأحناكهم، ويقطعونهم بتلك السيوف عضواً عضواً، ويلقونهم إلى تلك السباع والكلاب، كلما قطعوا عضواً عاد مكانه غضباً جديداً».
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال: قال أبو مسعود لأبي هريرة: أتدري كم غلظ جلد الكافر؟ قال: لا. قال: غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعاً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال: غلظ جلد الكافر أربعون ذراعاً.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل النار يعظمون في النار حتى يصير أحدهم مسيرة كذا وكذا .... وإن ضرس أحدهم لمثل أحد».
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله: {وندخلهم ظلاً ظليلاً} قال: هو ظل العرش الذي لا يزول.

10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17